فصل: مسألة يقول لعبده أنت حر قبل موتي بيوم أو يومين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة الولد يشهد أن أباه أعتق عبدا سماه:

ومن كتاب له أوصى بمكاتبه بوضع نجم من نجومه:
وسألته عن الولد يشهد أن أباه أعتق عبدا سماه، وشهد بذلك غير ولد ممن يرث الميت، قال: لا تجوز شهادة واحد في العتق، ولا يعتق منه قليل ولا كثير، لا ما ينوبه ولا غيره، غير أنه إن ملكه يوما ما، أو ملك منه شيئا عتق عليه جميع ما يملك، فإن الذي ملك منه كله أو بعضه، فإنه يعتق عليه، ولا يحل له أن يسترق عبدا يزعم أنه حر، قلت: ولم لا يعتق منه مصابته فيه، وإن لم يملك منه شيئا؟ قال: كذلك قال مالك: لا يعتق منه شيء إلا أن يملكه، قال ابن القاسم: وما صار منه في حظه من دنانير، أو دراهم، أو غير ذلك من العروض، فإنه لا يأكله ويؤمر أن يجعله في عتق رقبة إن كان يبلغ رقبة، أو في شركة عبد يعتق إن لم يبلغ رقبة، أو في قطاعة مكاتب يجعله في عتق ولا يأكله، يؤمر بذلك وله أن يقضي عليه به، فإن ملكه يوما ما عتق عليه إن كان يحمله ثلث الميت يوم مات، أو ما كان يحمل منه، ليس عليه أن يعتق منه أكثر مما كان يحمل منه ثلث الميت يوم مات، إن كان إنما زعم أنه أعتقه في المرض، ولو كان شهد أنه أعتقه في الصحة، لم يجز له أن يملك منه شيئا أبدا؛ ومتى ما ملك منه شيئا؛ عتق عليه، غير أنه إن كان إنما يزعم أنه أعتقه في المرض، فإنه إن ملك منه شيئا نظر، فإن كان هو ثلث الميت بعينه، ولم يكن معه من الوصايا شيء إلا وهو مبدأ عليه، فإنه متى ما ملك منه شيئا، عتق عليه إن ملكه كله عتق عليه كله؛ وإن ملك بعضه عتق عليه ما ملك منه؛ وإن كان معه من الوصايا من العتق أو غيره ما يكون غيره مبدأ عليه، أو يكون هو وإياه في الثلث، إسوة الغرماء، فإنه إذا ملكه يوما ما نظر إلى ما كان يعتق منه في ثلث الميت مع تلك الوصايا، لو ثبت عتقه يومئذ بشاهد آخر، فأعتق منه إذا ملكه مبلغ ذلك إن كان يعتق جميعه مع تلك الوصايا عتق جميعه، وإن كان نصفا فنصفا، وإن كان ثلثا فثلثا، يعتق منه مبلغ ما كان يعتق منه معهم لو ثبت عتقه بشاهدين؛ وأما إذا لم يملكه، وإنما صار له منه دنانير، أو دراهم أو غير ذلك من العروض، فإنه ينظر إلى ما صار إليه من قيمته؛ فإن كان قدر ما يعتق منه في الثلث أو أدنى، جعل جميع ذلك في عتق؛ قال ابن القاسم: إن كان كله، وإن كان أكثر مما كان يعتق منه أخرج مقدار الذي كان يعتق منه، فجعله في عتق واحتبس الفضلة، فهكذا يصنع فيما يصير له من شهد في عتق عبد من جميع الورثة ولدا كان أو غير ذلك، امرأة كان أو رجلا، قاطع الشهادة كان أو غير قاطعها، إذا كان يملك ماله، ويجوز فيه قضاؤه، ويقبض ما ورث، ولا يولى عليه؛ فهذا الذي يجب عليهم أن يفعلوه من غير أن يقضى عليهم فيه، فكم من ليس بقاطع الشهادة، ولا يولى عليه في ماله لإصلاحه في ماله، وحسن نظره، وعسى أن يكون والد الميت، أو أخا، أو غير ذلك، فأولئك كلهم إذا شهدوا في عبد أن صاحبهم المالك أعتقه، فعليهم أن يصنعوا فيما يصير لهم مثل ما ذكرت لك، ولو شهد رجلان منهم ممن ليس بقاطع الشهادة، إلا أنهما ليس يولى عليهما في أموالها، فإن العبد لا يعتق بشهادتهما، ولكن كل من ردت شهادته، كان عليه أن يصنع فيما يصير له فيه مثل ما وصفت لك، وكذلك أيضا الرجلان العدلان من ولده يشهدان لعبد أن أباهما أعتقه، فإنه إن كان العبد ممن لا يتحمل بولايته ولا يتهمان في جر ولاء مثله لدناءته، فإن شهادتهما جائزة، ويعتق بشهادتهما.
وإن كان ليس معهما غيرهما ممن يرث ولاء الميت إنما معهما بنات ونساء ومن لا يرث ولاء، فإن شهادتهما جائزة، ولا يتهمان في جر ولاء العبد الدني ويعتق بشهادتهما؛ وإن شهدا في عبد نبيل يرغب في ولائه ويتحمل بولايته، أو في عبد دني إلا أن له أولادا من امرأة حرة مثلهم يرغب في ولائهم، فإنه إن كان كل من ورث الميت يرث الولاء، جازت شهادتهما، وإن كان معهما بنات أو أخوات أو من لا يرث ولاء، لم تجز شهادتهما وردت؛
لأنهما يجران إلى أنفسهما، ويتهمان في جر الولاء، ولا يعتق منه قليل ولا كثير، لا من مصابتهما ولا غيره، ويصنعان فيما يصير لهما منه من رقبته أو من ثمنه مثل ما وصفت لك في الشاهد الواحد، والشاهدين اللذين هما غير قاطعي الشهادة، فكل من ردت شهادته عدلا كان أو غير عدل إذا كان مالكا لماله، لا يولى عليه فيه صنع فيما يصير له من العبد، مثل ما وصفت لك، قال: ولو شهد رجل واحد من ورثته في عبد بعضه حر، أن الميت أوصى بعتقه، عتق من العبد نصيب الشاهد منه فقط، ولم يعتق منه غيره؛ لأنه لا يتهم هاهنا، ولم يدخل فسادا بشهادته إذا كان بعضه حرا.
قلت: أرأيت إن شهد رجل أو رجلان من ورثته في عتق عبد نصفه حر، أن صاحبهم أعتق بقيته، والعبد مما يتحمل بولايته، ويرغب فيه، ومعهم من الوراث من لا يرث ولاء، أتجوز شهادتهم أم لا؟ قال ابن القاسم: لا تجوز شهادتهم إذا كان العبد يتهمون فيه على جر ولائه، وكان معهم من الورثة من لا يرث ولاء، وإن كان بعضه حرا؛ لأن جر قليل الولاء وكثيره سواء، قال ابن القاسم: لا يعتق من العبد إذا ملك شقصا أحد ممن شهد له، وردت شهادته أكثر مما ملك منه، ولا يعتق عليه نصيب شريكه فيه بالقيمة، وإنما يعتق منه الذي ملك، فلا يعتق عليه غيره.
وما ملكوا من العبد فعتق، فإن ولاء ما عتق منه للميت، ولمن ورث الميت، قال ابن القاسم: ولو كان الذي شهد ليس للميت وارث غيره، جازت شهادته وعتق بشهادته وحده العبد في ثلث الميت، أو ما حمل الثلث منه، كان جائز الشهادة، أو غير جائز الشهادة، إذا كان لا يولى عليه في ماله؛ وكذلك أيضا الشهيدان إذا لم يكن معهما وارث غيرهما جازت شهادتهما، وأعتق العبد بشهادتهما في ثلث الميت، كانا جائزي الشهادة، أو غير جائزي الشهادة إذا كان لا يولى عليهما في أموالهما، قال: وكل من ملك ممن ذكرت لك في هذه المسألة من الشهداء من رقبة العبد شيئا، فإنه يجبر على عتق ما ملك منه على حال ما وصفت لك، ومن لم يملك منه شيئا، وإنما صار له في مصابته منه دراهم أو دنانير، فإنه يؤمر أن يجعل ذلك في رقبة، ولا يجبر على ذلك كما يجبر على عتق ما يملك منه؛ قلت: فالسفيه مولى عليه، والصغير والبكر من النساء المولى عليهما، يشهد أحدهم بهذه الشهادة في حال ولايته، ثم ملك من ذلك العبد شيئا، هل يعتق عليه؟ قال: لا؛ لأن مالكا قال لي في السفيه يحلف بعتق بعض رقيقه في شيء ألا يفعله، فتحسن حاله، ثم يفعل وهو حسن الحال؛ أترى أن يعتق عليه؟ قال: لا، ولا أراه يخرج من المأثم، ولا يقضى عليه بذلك؛ لأن الأيمان يوم تقع.
قال محمد بن رشد: هذه المسائل كلها صحاح بينة، مثل ما في المدونة، وما فيها من الزيادة عليها مفسرة لما فيها؛ ولما سأله عن الابن يشهد أن أباه أعتق عبدا له سماه، لم لا يعتق عليه حظه منه؟ قال له كذلك قال مالك، فاكتفى بذلك منه دون أن يبين له العلة؛ والعلة في ذلك هي الضرر الذي يدخل على سائر الوراث بعتق بعض العبد؛ لأن ذلك ينقص قيمته إذا أعتق ربعه، قد لا تساوى ثلاثة أرباعه إلا نصف ثمن جميعه، ولهذه العلة جاءت السنة فيمن أعتق شقصا له في العبد، أن يقوم العبد على أن جميعه مملوك، فيعطي شركاؤه حصصهم منه، ولا يقوم عليه نصيب شريكه منه على أن نصيبه حر، ألا ترى أنه إذا شهد على موروثه بعتق عبد بعضه حر، عتق عليه نصيبه منه على ما قاله في الرواية؛ لارتفاع علة الضرر في ذلك، فقوله في الذي شهد أن أباه أعتق عبدا سماه، أنه إن ملكه يوما ما، أو ملك منه شيئا، أعتق عليه جميع ما يملك، كان الذي يملك منه كله أو بعضه صحيح؛ لأنه إذا ملكه كله، لم يكن على أحد ضرر في عتقه عليه، وإذا ملك منه بعضه باشتراء أو هبة، فوجب أن يعتق عليه ما اشترى، لإقراره أنه حر، وجب أن يعتق عليه ما ورثه منه أيضا لارتفاع علة الضرر في ذلك بدخول العتق فيه بما اشتراه منه، أو وهب له؛ مثال ذلك أن يكون للرجل ثلاثة من الولد، فيشهد أحدهم على أبيه أنه أعتق عبدا له سماه، فلا يعتق عليه حظه منه، فإن اشترى حظ أخيه الثاني عتق عليه ثلثا العبد، الثلث الذي ورثه والثلث الذي اشتراه، ولا يقوم عليه حظ أخيه الثالث على ما قاله في الرواية، وقد قيل: إنه يقوم عليه، وهو الذي يأتي على قول أصبغ في نوازله، من كتاب الشهادات، في الرجلين يشتريان العبد من الرجل، ثم يشهد أحدهما على البائع أنه كان قد أعتقه، والاختلاف في تقويمه عليه جار عندي على اختلافهم في ولاء ما أعتق عليه منه بإقراره أن غيره أعتقه، هل يكون له أو للذي زعم أنه أعتقه، فمن يرى أن الولاء يكون للمشهود عليه بالعتق، لا يقوم عليه حظ الشريك، وهو مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك، ومن يرى أن الولاء يكون للذي أعتق عليه، وهو مذهب أشهب والمخزومي، يرى أن يقوم عليه.
وإلى هذا ذهب أصبغ، والله أعلم، وقد قيل: إنه يعتق عليه ما ورثه منه، قاله عبد العزيز بن أبي سلمة، في أول رسم من سماع ابن القاسم، من كتاب الشهادات، والمغيرة في نوازل سحنون منه، فهي ثلاثة أقوال في المسألة، وكان القياس على مذهب ابن القاسم وروايته عنه إذا لم يعتق عليه حظه الذي ورثه منه للضرر الداخل في ذلك على أشراكه، ألا يعتق عليه ما اشتراه منه أيضا للضرر الداخل في ذلك أيضا على أشراكه، إلا أن يشتري جميعه، وقوله في السفيه المولى عليه، والبكر من النساء المولى عليه، والصغير يشهد أحدهم بهذه الشهادة، ثم يملك من ذلك العبد شيئا في حال ملكه لأمر نفسه، أنه لا يعتق عليه، فقد مضى القول عليه في رسم العتق، من سماع أشهب، وبالله التوفيق.

.مسألة حلف في جارية له بحريتها إن لم يبعها بعشرين دينارا إن وجد:

وسألته عن رجل حلف في جارية له بحريتها، إن لم يبعها بعشرين دينارا إن وجد، وإن لم يبعها بنقصان عشرة دينار من رأس ماله إن وجد من يشتريها، فعرض فلم يجد من يأخذها بوضيعة عشرة دنانير، ولا من يشتريها بعشرين دينارا، قال: لا يحال بينه وبين وطئها، ويعرضها أبدا ما عاش؛ فإن لم يجد من يأخذها بذلك حتى مات، فلا حرية لها، ولا حنث عليه، وإن وطئها فحملت منه، عتقت عليه ساعة حملت.
قال محمد بن رشد: هذه المسألة يختلف منها في موضعين؛ أحدهما: هل له أن يطأ في حال العرض أم لا؟ والثاني: إن عرض فوجد الثمن الذي حلف عليه، هل يحنث إن لم يبعها، أو لا يحنث؟ ويكف عن وطئها؛ لأنه على حنث، ولم يبعها حتى مات، عتقت في ثلثه، والاختلاف في هذا إنما هو إذا لم تكن له نية في التعجيل ولا في التأخير، على أي الوجهين تحمل يمينه من ذلك، وأما إذا عرض فلم يجد الثمن الذي حلف عليه، فلا اختلاف في أن له أن يطأ، فإن مات قبل أن يجد الثمن، فلا شيء عليه ولا عتق لها، ويلزمه أن حال السوق بزيادة، أن يعود إلى العرض على القول بأن يمينه تحمل على التأخير إذا لم تكن له نية، وهو مذهبه في هذه الرواية، بدليل قوله، فإن لم يجد من يأخذها بذلك حتى مات، فلا حرية لها ولا حنث عليه، وإن وطئها فحملت منه عتقت عليه ساعة حملت؛ إذ لو حمل يمينه على التعجيل؛ لكان قد بر إذا عرضها في ذلك السوق، فلم يجد بها الثمن الذي حلف عليه، وقد مضى في رسم المكاتب، من سماع يحيى، من كتاب الإيلاء، ما يبين ما قلناه في هذه المسألة، وبالله التوفيق.

.مسألة باع من عبده نفسه بمائة دينار نقدا:

وسئل عن رجل باع من عبده نفسه بمائة دينار نقدا، ومائة ثوب موصوف إلى أجل، هل يكون الآن حرا، ويكون ذلك دينا عليه يتبع به؟ قال ابن القاسم: هو حر الآن، كان للعبد مال أو لا مال له؛ لأنه حين باعه نفسه، قد علم أنه سيعتق بملكه نفسه وهو بمنزلة رجل باع عبدا إلى سنة فأعتقه مشتريه، والبائع يعلمه فلم يعثر على ذلك حتى حلت السنة، فلم يجد عنده شيئا، فأراد رده، فليس ذلك له، وهو القياس بعينه.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن البيع ينقل الملك، فإذا ملك العبد نفسه بالشراء عتق، ووجب عليه ما التزم من الثمن إلى أجله، فلا يدخل في هذه المسألة الاختلاف الحاصل بينهم فيمن قال لعبده: أنت حر على أن عليك كذا وكذا نقدا، أو إلى أجل كذا وكذا حسبما نذكره إن شاء الله في رسم الصبرة، من سماع يحيى، من كتاب المكاتب، وبالله التوفيق.

.مسألة يقول لعبده أنت حر قبل موتي بيوم أو يومين:

وسألت ابن القاسم عن الرجل يقول لعبده: أنت حر قبل موتي بيوم أو يومين، أو شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين ما كان من الأجل، قال ابن القاسم: إن كان سيده مليئا أسلم العبد إلى السيد واختدمه حتى يموت، ثم ينظر في موته والأجل، فإذا كان الأجل في حين كان يجوز للسيد فيه القضاء في ماله كله، عتق العبد من رأس المال، ونظر إلى كراء خدمته بعد الأجل، فأعطيه من رأس مال سيده، وإن كان حل الأجل في مرض السيد، وفي حين كان لا يجوز للسيد القضاء في ماله إلا في الثلث، فإنه لا يعتق العبد إلا من الثلث، ويرده الدين ولا كراء له في خدمته، وإن كان السيد غير مليء خرج العبد ووقف خراجه، فإذا مضت السنتان أو الأجل ما كان حبس ذلك الخراج، فكلما مضى شهر بعد السنتين، أعطى خراج شهر من أول السنتين الماضيتين بقدر ما ينوب لكل شهر من الخراج، فعلى هذا يكون العمل فيها قرب الأجل أو بعد.
قال محمد بن رشد: اختلف في الرجل يعتق عبده إلى قبل موته بأجل سماه على أربعة أقوال؛ أحدها قول ابن القاسم هذا في هذه الرواية: أنه لا يعجل عليه عتقه بالشك، ويترك في خدمته إن كان له مال حتى يموت، فإذا مات نظر في الأجل الذي سمى، فإن كان حل والسيد مريض من مرضه الذي مات منه عتق من ثلثه؛ لأن موته كشف أن العتق وجب له في مرضه الذي مات فيه، وإن كان حل وهو صحيح عتق من رأس ماله، وأعطى من رأس ماله أيضا قيمة خدمته، فإن كان الأجل في التمثيل سنة استؤجر سنة ووقف خراجها، فكل ما مضى شهر بعد السنة، وقف خراج هذا الشهر، وأعطى السيد خراج شهر من أول السنة؛ هكذا أبدا، وتكون نفقته وكسوته من خراجه، فإن استؤجر في هذه المسألة على أن نفقته وكسوته على سيده، أسقط من إجارته نفقته وكسوته، ووقف الباقي، وإن استؤجر على أن نفقته وكسوته على المستأجر، وقفت الإجارة كلها، وذلك يخرج إلى شيء واحد؛ فإن مات العبد في حياة سيده أخذ السيد ما وقف له، حكى ذلك ابن المواز عن ابن القاسم، والذي يأتي على قياس قوله أن يبقى موقوفا حتى يموت السيد فيعلم بموته هل وجب للعبد العتق قبل موته من رأس مال سيده أم لا؟ فإن تبين أن العتق قد كان وجب له قبل أن يموت من رأس المال، كان ما وقف لورثته؛ وقال المدنيون على قياس هذه الرواية: إنه من أراد أن يستخدم لعبده طول حياته، ويكون حرا من رأس ماله بعد وفاته، فيعتقه إلى قبل السبب الذي يكون منه وفاته من أجل يسميه، وذلك لا يصح؛ إذ ليس للرجل بعد وفاته أكثر من ثلث ماله؛ والواجب إذا فعل ذلك أن يعجل عتقه باتفاق؛ لأن العتق قد حصل له بيقين، إما بقوله، وإما بموته، فلا يصح أن يمكن من اختدامه بشك؛ إذ لا يدرى لعله حر من الآن.
والقول الثاني: أنه يعجل عتقه من الآن، ولا ينتظر به موت سيده، لاحتمال أن يكون لم يبق بينه وبين موته إلا مثل الأجل الذي سمي، أو أقل، فلا يسترقه بالشك، وهو أحد قولي ابن القاسم. حكى محمد بن المواز أن قوله اختلف في ذلك. والقول الثالث: أنه يكون كالمدبر يعتق بعد موته من الثلث؛ لأنه عتق لا يكشفه إلا الموت، وهو قول أشهب.
والقول الرابع: أنه لا يعتق من رأس المال، ولا من الثلث، وهو قول أشهب أيضا، حكى البرقي عنه القولين جميعا، ووجه هذا القول أنه لا يعتق عليه بالشك؛ إذ لا يدرى هل وجب له العتق بعد، أو لم يجب له إلى الأجل من رأس المال، أو من الثلث، وقد لا يكون له الثلث، وهذا القول هو أضعف الأقوال في هذه المسألة، وقول ابن القاسم في هذه الرواية أظهرها وأبينها، وأما إن قال الرجل لعبده: أنت حر قبل موتك بكذا وكذا، فيعجل عتقه على مذهب ابن القاسم، ولا عتق له على مذهب أشهب، وبالله التوفيق.

.مسألة بايع رجلا واستحلفه بعتق غلامه ليدفعن إليه حقه إلى أجل فحنث:

ومن كتاب أوصى أن ينفق على أمهات أولاده:
وسمعته يقول في رجل بايع رجلا، واستحلفه بعتق غلامه ليدفعن إليه حقه إلى أجل فحنث، وليس له مال غيره؛ فأراد هذا الذي استحلفه أن يرد عتقه ولا يجيزه، لمكان ماله عليه حتى يستوفي ماله؛ قال ذلك له، ولا أرى أن يجوز عتق أحد وعليه دين، وإن كان هو الذي استحلفه، وأن بعض الناس يقولون: ليس له أن يرد عتقه، ولكن هذا رأي؛ وقال عبد الله بن وهب: ليس له أن يرد عتقه؛ لأنه أذن له في عتقه حين استحلفه، ولكن إن كان عليه دين لغيره، فقاموا به لم يجز له عتق، وضرب معهم المستحلف بحقه؛ قلت فموضع يكون له فيه شيء، وموضع لا يكون له فيه شيء؟ قال: كذلك يكون الاستحسان.
قال محمد بن رشد: قد تقدم القول على هذه المسألة في أول رسم من سماع ابن القاسم، وقول ابن وهب؛ ولكن إن كان عليه دين لغيره، فقاموا به، لم يجز له عتق، وضرب معهم المستحلف بحقه، معناه إذا كان الذي لغيره يحيط برقبة العبد؛ لأنه إذا أحاط برقبته ووجب رد عتقه بذلك؛ كان البائع أحق بعبده، وإن شاء تركه، وحاص الغرماء، فيضرب معهم فيه بحقه؛ وأما إن كان الدين الذي عليه لغيره لا يحيط برقبة العبد، فيباع منه بذلك، ولا يدخل في ذلك البائع، ويعتق الباقي من العبد، هذا معنى قول ابن وهب، وبالله التوفيق.

.مسألة عبد بين رجلين أعتق أحدهما مصابته بتلا:

وقال في عبد بين رجلين، أعتق أحدهما مصابته بتلا، وأعتق الآخر مصابته إلى أجل، أنه يقال للذي أعتق إلى أجل: إما عجلت عتقه الساعة، وإلا قوم على الأول، وكذلك لو أعتق أحدهما مصابته إلى موت إنسان سماه، وأعتق الآخر مصابته إلى موت آخر؛ سماه أن العبد يخدمهما على حاله، فإن مات فلان الذي سماه المعتق الأول أولا، أعتق نصيبه، وقيل لشريكه: أما أعتقت مصابتك الساعة، وإلا قوم على الأول؛ فإن مات فلان الذي سماه المعتق الآخر أولا أعتق نصيبه فقط، ولم يقوم عليه نصيب صاحبه؛ لأنه لم يبتدئ له فسادا، من قبل أن عبدا لو كان بين رجلين فيعتق أحدهما مصابته إلى أجل قوم عليه كله، فكان عتيقا إلى ذلك الأجل، وإن لم يكن له مال يقوم عليه فيه، عتق عليه نصيبه إلى الأجل الذي سماه؛ فإن أعتق الذي له فيه الرق بعد ذلك نصيبه بتلا قبل الأجل الذي أعتق عليه الأول، لم يقوم على الثاني؛ لأنه ليس هو ابتدأ الفساد، وإنما الأول هو الذي ابتدأ فساده؛ فكذلك إذا مات فلان الذي أعتق الثاني مصابته بعد موته قبل موت الذي أعتق الأول مصابته بعد موته، لم يعتق عليه إلا مصابته، ولم يقوم عليه ما بقي؛ وموت فلان إنما هو أجل من الآجال، مثل ما وصفنا؛ قال ابن القاسم: وإن ناسا ليقولون: إذا أعتق الرجل شقصا له في عبد إلى أجل، لم يقوم عليه حظ صاحبه حتى يحل الأجل؛ ولست أقول أنا ذلك؛ لأنه ليس بمنزلة المدبر؛ لأن المدبر يتقاومانه فيفسخ التدبير، وهذا لا يفسخ؛ وأن الذي يدبر شقصا له في عبد، أن الذي له فيه الرق إن رضي أن يدفعه إلى شريكه بالقيمة؛ لزمه ذلك، ولم يترك حتى يموت، فهذا مثله.

.مسألة أعتق كل واحد منهما إلى موت صاحبه:

ومن كتاب المكاتب والمدبر والبيوع من سماع أصبغ:
قيل لابن القاسم: فلو أعتق كل واحد منهما إلى موت صاحبه، فقلت أنا: ليس هذا من هذا، ثم سألته بعد ذلك عنها إذا قال: كل واحد منهما لصاحبه نصيبي حر إلى موتك، فقال: لا أدري ما هذا؟ فقلت: لا تكون فيه قيمة؟ قال: لا أرى ذلك، قلت: ويكون عليه ما جعلاه؟ قال: نعم، ثم قال لي من الغد نظرت فيها البارحة، قال أصبغ: فلا أدري ما قال، غير أني ظننت، وهو قولي: إنه يترك إلى موتهما، فإن مات أحدهما قبل صاحبه، عتق نصيب الحي مكانه، وترك نصيب الميت إلى موت الحي، ولم يقوم على الحي نصيب الميت؛ لأنه ليس هو مبتدئ الفساد، لم يزده إلا خيرا؛ وجعله بمنزلة ما لو أنه أعتق الأول إلى أجل، ثم أعتق الثاني إلى أجل دونه؛ أنه لا يقوم على الثاني عند أجله؛ لأنه لم يزده إلا خيرا حين كان أجله دون أجل المبتدئ؛ قال أصبغ: وهما من رأس المال.
قال محمد بن رشد: قوله في أول هذه المسألة في العبد بين الرجلين يعتق أحدهما نصيبه بتلا، ثم يعتق الآخر نصيبه إلى أجل، أنه يقال للذي أعتق إلى أجل: إما عجلت عتقه الساعة، وإلا قوم على الأول؛ هو مثل قوله في المدونة وروايته عن مالك، ورواية أشهب أيضا؛ والوجه في ذلك أن تقويم العبد بين الشريكين على الذي أعتق نصيبه منه، حق للشريك في إفساد حظه منه عليه، وحق للعبد في تبتيل عتق جميعه؛ فإذا ترك السيد حقه في التقويم، وأعتق حظه منه إلى أجل كان من حق العبد أن يقوم على الأول فيبتل عتقه، إلا أن يبتل الثاني عتق نصيبه، فلا يكون للعبد حجة، ولبعض الرواة في المدونة، وهو المخزومي أنه يعجل العتق على الذي أعتقه إلى أجل، ولا يقوم على الأول، وهو اختيار سحنون؛ ووجه قوله، أنه لما أعتق نصيبه إلى أجل، فقد أفاته بالعتق، ووجب له ولاؤه؛
فلم يجب أن يقوم على الأول لوجهين؛ أحدهما: أنه قد ترك حقه في التقويم عليه. والثاني: أنه قد فوت نصيبه بالعتق، ووجب له ولاؤه، فلا يصح أن يفسخ ذلك، وإذا لم يصح فسخه، وجب أن يعجل عتقه لحق العبد في تعجيل عتقه، وهذا القول أظهر، والله أعلم.
وأما الشريكان في العبد الذي يعتق كل واحد منهما حظه فيه إلى موت إنسان سماه، فقوله في ذلك أنه إن مات الذي أسماه المعتق الأول أولا عتق نصيبه، وقيل لشريكه: أما عتقت مصابتك الساعة، وإلا قوم على الأول؛ فهو صحيح على قياس قوله فيما تقدم.
وفي المدونة في الذي يعتق حظه من العبد تبلا، ثم يعتق شريكه حظه منه إلى أجل؛ ويأتي في ذلك على قياس قول المخزومي أن يبقى نصيبه على حاله معتقا إلى موت الذي سماه، ولا يعجل عليه عتقه؛ إذ لم يتعد فيما صنع، ولا يقوم على الأول إذ قد ثبت فيه الولاء للثاني بعتقه إلى موت الذي سماه، وأما قوله: إنه إن مات الذي سماه المعتق الآخر أولا أعتق نصيبه قط، ولا يقوم عليه نصيب صاحبه، فهو صحيح؛ لأنه بمنزلة العبد بين الرجلين يعتق أحدهما نصيبه منه إلى أجل، ثم يعتق الآخر نصيبه منه بثلاث؛ أنه يبقى على حاله نصفه حر، ونصفه معتق إلى أجل، ولا يقوم على الذي بتل حظه منه؛ لأنه لم يبتدئ فيه فسادا، ولأن الولاء قد ثبت للأول؛ وقد قال بعض أهل العلم واستحسنه ابن القاسم، ثم رجع عنه في رسم العشور، من سماع عيسى، من كتاب الخدمة أن خدمته تقوم على الذي بتل حظه منه؛ لأن الخدمة رق فيعجل عتقه، ووجه القول الذي رجع إليه، ما ذكره في الرواية من أنه رآه ظلما أن يؤخذ منه قيمة الخدمة، ويكون ولاؤه لغيره؛ ويأتي على قياس هذا القول الذي استحسنه ابن القاسم، ثم رجع عنه في مسألتنا إذا مات الذي سماه المعتق الآخر أولا، أن يعتق نصيبه ويقوم عليه خدمة حظ الأول إلى موت الذي سماه على غررها، فيعجل عتق جميعه؛ وأما الذي يعتق حظه من العبد إلى أجل، ففي ذلك ثلاثة أقوال؛ أحدها: قوله في هذه الرواية، وفي المدونة، أنه يقوم عليه، ويكون حرا إلى ذلك الأجل، إلا أن يشاء أن يعتق نصيبه منه إلى ذلك الأجل على ما قاله في رسم جاع بعد هذا.
والثاني: أنه لا يقوم عليه حتى يحل الأجل، وهو قول مالك في رواية مطرف عنه على ما وقع في رسم جاع بعد هذا؛ فإن خشي عليه العدم أخذت منه القيمة، ووقفت حتى يحل الأجل على ما قاله في رسم يوصي، من سماع عيسى، من كتاب الخدمة. والثالث: أن الشريك مخير بين أن يقومه عليه الآن، وبين أن يتماسك بحظه حتى يحل الأجل، فيقومه عليه عند حلوله؛ فإن تماسك لم يكن له أن يبيعه قبل السنة إلا من شريكه، وهو قول عبد الملك؛ واختلف إن أراد أن يقومه عليه فألفاه عديما، هل له أن يقومه عليه عند الأجل إن أيسر أم لا؟ فقال ابن الماجشون: ذلك له، وقال المغيرة وسحنون: إن عدمه اليوم قاطع للتقويم عليه بعد ذلك إن أيسر؛ وقول أصبغ فيما سئل عنه ابن القاسم في رسم المكاتب من سماعه في العبد بين الرجلين يعتق كل واحد نصيبه إلى موت صاحبه، ليس هذا من هذا؛ يريد ليست هذه المسألة مما تشبه المسألة التي تقدمت في الذي أعتق كل واحد منهما حظه من العبد الذي بينهما إلى موت رجل سماه، معناه عندي أنها ليست تشبهها إذا قالا ذلك معا، أو تقدم أحدهما صاحبه بالقول، ولم يعلم الأول منهما؛ وأما إذا تقدم أحدهما صاحبه بالقول، وعرف الأول منهما فهي تشبهها؛ والجواب فيها على ما تقدم في الأولى، أن ينظر إلى الذي ابتدأ بالعتق إلى موت صاحبه، فإن مات صاحبه قبله، عتق عليه نصيبه، وقوم عليه نصيب الميت، إلا أن يشاء ورثته أن يعتقوه فذلك لهم، وإن مات قبل عتق نصيب صاحبه بموته وبقي نصيبه، يخدم ورثته حتى يموت الآخر فيعتق من رأس المال، ولا يقوم نصيب المعتق أولا على الثاني؛ لأن الثاني لم يبتدئ عتقه، إنما ابتداه الأول، وهو الذي يقوم عليه نصيب صاحبه إذا مات؛ إلا أن يبت الورثة عتقه، فذلك لهم؛ وإذا لم يتقدم أحدهما صاحبه بالقول، أو تقدمه به، ولم يعلم الأول منهما؛ فالذي نص عليه ابن القاسم في هذه الرواية هنا، وقاله أصبغ أيضا تأويلا عليه، وأخذ به؛ وهو قول ابن القاسم أيضا في سماع أبي زيد، أنه لا تقويم في ذلك على الذي عتق عليه نصيبه بموت صاحبه قبله، فيعتق نصيب الحي منهما بموت الميت، ونصيب الميت على الورثة بموت الحي من رءوس أموالهما، ويرد عتق نصيب واحد منهما الدين المستحدث.
ولا تقويم في ذلك على واحد منهما إذا أعتق نصيبه بموت صاحبه؛ إذ لا يدري هل هو الذي ابتدأ الفساد أم صاحبه؟ وقول أصبغ وجعله بمنزلة ما لو أنه أعتق الأول إلى أجل، ثم أعتق الثاني إلى أجل دونه، أنه لا يقوم على الثاني؛ معناه أنه إذا لم يدر أيهما الأول، أو كان ذلك من قولهما معا، كان ذلك بمنزلة إذا أعتق الأول إلى أجل، ثم الثاني إلى أجل دونه في أنه لا تقويم في ذلك على من أعتق حظه أولا بموت صاحبه قبله، وسيأتي في رسم العتق بعد هذا إذا أعتق أحد الشريكين حظه من العبد إلى أجل، ودبر الآخر حظه منه، فنتكلم عليها إن شاء الله.

.مسألة عبد بين ثلاثة نفر بميراث أو بشراء فقال أحدهم نصيبي حر:

وقال ابن القاسم في عبد بين ثلاثة نفر بميراث أو بشراء، فقال أحدهم: نصيبي حر، فلم يوجد له مال يقوم عليه فيه، فيعتق منه نصيبه؛ ثم قال الآخر: نصيبي ونصيب صاحبي حر إن رضي؛ فقال صاحبه: قد رضيت وقد أمضيته له، فقال المعتق المشتري: قد رضيت أيضا، ثم قال: قد بدا لي، أو قال: لا أرضى؛ أنه لا يلزمه من ذلك شيء، إلا أن يقول: نصيبي ونصيب صاحبي لي بخمسين دينارا، وهو حر إن رضي، فقال صاحبه: قد رضيت؛ فذلك لازم للمشتري رضي المشتري أو لم يرض إذا كان صاحبه قد رضي، وكان قد سمى له ثمنا، وإنما ذلك بمنزلة ما لو قال: غلام فلان حر من مالي إن رضي، فقال فلان: قد رضيت، وقلت أنا: لا أرضى، أو قلت: قد رضيت، ثم بدا لي أنه لا يلزمني من ذلك شيء، إلا أن يقول غلام فلان علي بخمسين دينارا إن رضي وهو حر، فقال فلان: قد رضيت، فقلت: قد بدا لي، إن ذلك لازم له؛ وإنما هو بمنزلة من قال: غلام فلان لي بخمسين دينارا إن رضي، وليس فيه حرية، ورضي بذلك سيد العبد، فذلك يلزمه؛ فلما لزمه البيع، لزمه فيه العتق، قال عيسى: أما الذي أعتق الشريك الثاني نصيبه ونصيب صاحبه الثالث، فأرى أن يقوم عليه ويعتق عليه سمى له ثمنا أو لم يسم له؛ لأن بعض أهل العلم قد رأى أن يقوم على الثاني ولم يعتقه، فكذلك إذا أعتق نصيبه ونصيب صاحبه، فذلك الذي لا شك فيه.
قال محمد بن رشد: إنما رأى عيسى بن دينار أن يقوم عليه إذا أعتقه، وإن لم يسم له ثمنا، مراعاة لقول من رأى من أهل العلم، وهو ابن نافع من أصحاب مالك أن يقوم عليه، وإن لم يعتقه؛ فلو قال رجل في عبد بينه وبين رجل: نصيب شريكي من هذا العبد حر من مالي، لم يلزمه ذلك على مذهبه، وإن قال شريكه: أنا أرضى أن آخذ منه قيمته فيه؛ إذ ليس في هذا الموضع اختلاف يراعى فيتحصل على هذا فيمن أعتق عبد غيره، فرضي صاحبه أن يأخذ منه فيه قيمته أربعة أقوال؛ أحدها: أن ذلك يلزمه، وإن كان قال: هو حر من مالي، إلا أن يقول: هو حر في مالي بكذا وكذا، فرضي صاحبه أن يمضيه له بذلك الثمن الذي سمى فيه. والرابع: الفرق بين أن يكون قال ذلك في عبد لا يجب عتقه عليه باتفاق، أو في عبد يجب أن يعتق عليه في قول قائل، وقد مضى في أول رسم، من سماع عيسى بيان هذا الاختلاف، وبالله التوفيق.

.مسألة أعتق ثلث عبده وهو صحيح فلم يعلم به حتى مات:

قال عيسى: قال ابن القاسم: قال مالك: من أعتق ثلث عبده، وهو صحيح، فلم يعلم به حتى مات، لم يعتق إلا ذلك الثلث؛ ولو علم به وهو مريض، عتق ما بقي من الثلث؛ قال عيسى: وهو مخالف للذي يعتق ثلث عبده في مرضه بتلا، ذلك يعتق عليه كله في ثلثه، وإن لم يعلم بما صنع من عتق ثلثه إلا بعد موته.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى الكلام عليها مستوفى في رسم العتق، من سماع أشهب، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.